مشروع قوقل Calico “كاليكو” لتمديدِ الحياة البشرية - الخلود-
المشاريعِ التي تبنتها شركةُ جوجل والتي تَخَطَّتْ بها حدودَ المنطق، أغلبها
كانَ يصبّ في مجالِ الصحة وكشفِ الأمراض. أَخَذَتْ الشركةُ على عاتقها
تحسين الصحة البشرية من علاجِ السرطانات وكشفها المبكر، كشف معدلات السكر،
إلى تخزين الجينوم البشري لقراءة الطفرات والتنبؤ بها، ولكنَّ الشركةَ لم
تكتفِ بذلك قَاْمَتْ بأخذِ أفكارها إلى مستوى أعلى وأشدّ صعوبةً، والآن
تعملُ على تمديدِ الحياة البشرية ضمن نطاق مشروع تحت مسمى Calico “كاليكو”.
ما هي “كاليكو”؟
تتمركزُ الشركةُ في كاليفورنيا تحتَ اسم California Life Company، ومنها اشتق الاختصار Calico،
وتُعتبر شركةً بحثيةً مهمتها استغلال التكنولوجيا المتقدمة لزيادة فهم
البيولوجيا التي تضبط سيرورة الحياة، واستخدامها لمساعدة البشر على بناءِ
حياة طويلة وصحية. تتضمنُ علماءً في مجالات الطب، التطوير الدوائي،
البيولوجيا الجزيئية، والبيولوجيا الحسابية، كما قَاْمَتْ بالاشتراك مع
العديدِ من مراكزِ الأبحاث الدوائية والطبية مثل: AbbVie وAncestry.com.
مع التمويلِ الكافي تمَّ تقدير زمن كشف الطريقة لتأخير عملية التقدُّم في العمرِ خلالَ سنوات قليلة.
ما زالت جوجل تحيطُ هذه الشركة، وما تحاول البحث فيه ضمن نطاق سرية
كاملة، وكلّ ما قَاْمَتْ بالتصريحِ به هو الهدفُ الأساسي برعاية الصحة
البشرية.
من غير المتوقّع أن تتبعَ الشركات الأُخرى خطى غوغل، فهذا المشروعُ لا
يعدُّ تجاريًا (جوجل لا تُعتبر شركةً طبيةً دوائيةً تجاريةً)، يحتاجُ إلى
تمويلٍ هائلٍ، جمع معلومات هائلة (مما يُعتبر سهلًا نسبةً إلى شركة مثل
غوغل مع قاعدة البيانات التي تمتلكها)، واستقطاب أكبر العقول التي تفضلُ
العملَ على مشروع يحل معضلة جوهرية بدلًا من مجموعة تطبيقات وألعاب.
مع الانتشارِ السريع للإشاعات أنَّ جوجل تحاولُ محاربةَ الموت، قَاْمَتْ
الشركةُ بالتركيزِ على هدفها، وهو محاولةُ تمديد الحياة البشرية، ومعالجة
الأمراض التي تنجم عن الشيخوخة مثل: السرطان، والأمراض العصبية كالزهايمر
وباركنسون وغيرها.
في أيلول 2013 تمَّ إطلاقُ “كاليكو” من قبل جوجل، وبالتعاون مع رجلِ الأعمال (آرثر ليفنسون)،
وتمَّ الإعلانُ عن هدفِ المنشأة بعدَ التعاون مع شركة AbbVie في أيلول
2014، وحتى الآن تمَّ الإعلانُ عن ست شراكات منها جامعتين، منظمة غير
ربحية، وشركتي أدوية. في الشهرِ الثالث من عام 2015 اِنْضَمَّتْ للمشروع
جامعة (سان فرانسيسكو) UCSF بالتعاون مع البروفسور في الكيمياء والفيزياء الحيوية (بيتر والتر)، وفي الشهرِ ذاته تمَّ التعاونُ مع جامعتي (هارفرد) وMIT لدراسة الشيخوخة من الناحيةِ الوراثية. عام 2017 أَعْلَنَتْ غوغل تعاونها مع شركة مختصة بالتقنيات الحيوية C4 التي تعملُ على منحى انحلال البروتين، ولكنَّها لم تكشف عن تفاصيل البحث بشكلٍ كلي.
كلّ ما نعرفه عن البحثِ أنَّه في مراحله المبكّرة، ويتمُّ العمل على 750
فأر مقسمين إلى خمس مجموعات بحميات غذائية مختلفة، والغاية هي دراسةُ
كيفية تأثير إدخال الحريرات إلى الجسم على الصحة بشكلٍ عام، كما يتمُّ تتبع
نمو خلايا الخميرة لمعرفة كيفية تأثير شيخوخة الخلايا على سلوكها وكيف
تبدأ بالتموّت. تمَّ اختيار فصيلة إفريقية معينة من الفئران تعيشُ لحدود 32
سنةً في حين الفئران العادية تعيش لمدّة سنتين فقط، وتتميّز هذه الفصيلة
أنَّها تطوّرت طبيعيًا لكيلا تشعر بالألم، جسمها غير قابل لتطوير أورام فهي
لا تصاب بالسرطانات. يأملُ الباحثون اكتشاف سبب هذه القدرة، وتطبيقها على
البشرِ لتمديد أعمارهم.
نعم، إنَّ البحثَ قائمٌ مع العديدِ من الشركات الداعمة للمشروع، والسؤال
المتداول لا يتطرق لاحتمالية نجاحهم بل لما سيحدثُ في حال نجحوا؟
فعليًا، وجودُ البشر لمدّة أطول على هذا الكوكب يحتاجُ لحل مشاكل أُخرى
على مستوى البيئة، وعلى مستوى الأشخاص أنفسهم، حيثُ من المتوقّع زيادة
معدلات الاكتئاب الناجمة عن الملل، والاستمرار بفعل الأشياء نفسها مرةً بعد
مرة.
ولكن علينا الاعتراف، من المثيرِ للاهتمام أن نعيشَ أطول لنشاهد المزيدَ
من مشاريعِ جوجل المجنونة، وحتى الانضمام إليهم في أبحاثهم لجعل حياتنا
أكثر صحةً وتطورًا.
تعليقات